تزاحم قطري - سعودي في سوريا برّاك يستعرض وصايته عامر علي الخميس 7 آب 2025 تستهدف التفاهمات الجديدة، التي شملت 12 مشروع
تزاحم قطري - سعودي في سوريا: برّاك يستعرض وصايته
عامر علي
الخميس 7 آب 2025
تستهدف التفاهمات الجديدة، التي شملت 12 مشروعاً، بشكل رئيسي تأهيل البنى التحتية (أ ف ب)
في زيارة استعراضية جديدة، وصل المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، السفير الأميركي في تركيا، توماس برّاك، إلى العاصمة السورية دمشق للمشاركة في احتفالية توقيع تفاهمات استثمارية مع عدد من الشركات، على رأسها القطرية، قدّرتها السلطات السورية الانتقالية بنحو 14 مليار دولار. ويبدو أن المبعوث الأميركي الذي تحوّلت زياراته إلى دمشق، ومشاركته في احتفالات توقيع التفاهمات الاستثمارية، إلى عادة، يريد من خلال ذلك تأكيد «الوصاية الأميركية» على سوريا، وإظهار الدور الأميركي في تلك التطورات.
وعلّق برّاك، في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»، على مشاركته التي وصفها بأنها «أسعدته»، بأن «طريق التعافي يجب أن يبدأ بخطوات متقطّعة، تبدأ ببناء أسس الأمن والاستقرار، تليها أنظمة حكومية، وفي نهاية المطاف بناء روح المبادرة والازدهار». وأضاف أن «مستقبل سوريا المزدهرة والمسالمة بين أيدي سوريا وشركائها الإقليميين مثل شركة UCC القطرية ومجموعتَي جنكيز وكاليون التركيتين اللتين فازتا بعقد بناء وتشغيل ونقل مطار دمشق الدولي الجديد مع رفع العقوبات من قبل رئيس الولايات المتحدة»، في تأكيد جديد من برّاك للدور الذي يصدّره لبلاده في التغييرات التي تحدث في سوريا، بالإضافة إلى محاولته ترسيخ مبادئ سياسته الرامية إلى تحقيق توازن بين الدورين التركي والخليجي بشكل عام، تبعاً لعلاقته المتينة بأنقرة والعواصم الخليجية على السواء.
وتُعدّ التفاهمات الجديدة، التي شملت وفقاً لـ«وكالة الأنباء السورية» (سانا)، 12 مشروعاً، بينها إنشاء مترو في دمشق، ومشاريع سكنية، وأخرى للبنى التحتية وحركة النقل الجوي عبر مطار دمشق الدولي، حتى الآن، أكبر حزمة تفاهمات من نوعها، بعد المؤتمر الذي استضافته دمشق قبل نحو أسبوعين بمشاركة شركات سعودية، وشهد التوقيع على مشاريع بقيمة نحو 6 مليارات دولار.
وعلى الرغم من الطابع الطموح لهذه الاتفاقات، التي تستهدف بشكل رئيسي تأهيل البنى التحتية، فإنها لا تزال تمثّل خطوة أولى في مسار طويل، تتداخل فيه جملة من العوامل، أبرزها الاستقرار الميداني والسياسي في سوريا، التي لا تزال تعيش أوضاعاً مضطربة في جنوب البلاد (السويداء) وشمالها الشرقي (الإدارة الذاتية)، إلى جانب تصاعد الصراع السياسي وتعقّده في ظل تناحر تركيا وإسرائيل على النفوذ في هذا البلد.
وفي ضوء هذه الظروف، يمكن النظر إلى التفاهمات الأخيرة، وتلك التي سبقتها، باعتبارها دفعاً سياسياً للإدارة الجديدة التي يقودها الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خصوصاً أن توقيعها جاء فعلياً من دون وجود أي سند قانوني واضح، في ظل عدم وجود دستور للبلاد، وعدم وجود سلطة تشريعية. ويضاف إلى ذلك، عدم موثوقية الموقف الأميركي الذي قد ينقلب في أي لحظة، بعد أن تمّ التلويح أخيراً بسلاح العقوبات الاقتصادية، عبر مشروع قرار دخل طور المناقشة في الكونغرس، يهدف إلى حظر رفع عقوبات «قيصر»، وربط إنهائها بجملة من الشروط، بالإضافة إلى منع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من تقديم أي استثناءات منها. وكان الأخير قام فعلياً بشطب العقوبات الرئاسية المفروضة على سوريا، كما منح استثناء لمدة 180 يوماً من العقوبات التشريعية، التي يصدرها الكونغرس (مثل قيصر).
ويتزامن الظهور المستمر للمبعوث الأميركي، الذي تعثّرت بعض خططه في ما يتعلق بتوسيع خطوط التواصل بين الإدارة السورية وإسرائيل، بعد أحداث السويداء، مع استمرار سعي واشنطن لإظهار دورها البارز في الملف السوري في مرحلة ما بعد الأسد، عبر محاولة شطب اسم الشرع من قائمة الإرهاب الأممية. كما يأتي وسط تسريبات عن معارضة صينية محتملة لمشروع القرار الأميركي الذي كان يتضمّن أيضاً شطب «هيئة تحرير الشام» من القائمة، وذلك بسبب المخاوف الصينية من المسلحين الأجانب في صفوف «الهيئة» وبشكل خاص «الأويغور»، ما قد يدفع واشنطن، التي ترغب في تقديم تسهيلات للشرع للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في شهر أيلول المقبل، إلى إيجاد استثناء له.
كذلك، تتّسق الخطوة الجديدة مع السياسة التي تنتهجها واشنطن، ومن ورائها الاتحاد الأوروبي، لناحية تقديم دعم إعلامي وسياسي للشرع، من دون ربط هذا الدعم بانفتاح سياسي حقيقي يشمل اعترافاً دبلوماسياً صريحاً، وإنهاءً جدياً لملف العقوبات. وهكذا، يستمر التلويح بالإغراءات السياسية والاقتصادية، وربط تحقيقها بجملة من الشروط، مع الإبقاء على قدر كبير من التحكّم في المشهد السوري المضطرب، على وقع استمرار حالة «الهشاشة الأمنية»، والعجز عن التوصّل إلى صيغة حكم مُرضِية لجميع الأطراف الفاعلة.
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها